languageFrançais

هل صحيح أن الوظيفة والدعم والخدمات العمومية وراء إنهاك اقتصاد تونس؟

تعيش تونس منذ سنوات على وقع أزمات اقتصادية متتالية عمقت المديونية وتجلت مظاهرها اليوم بشكل واضح في المعيش اليومي للمواطن حتى أصبحت كل الأحاديث والنقاشات لا تخرج عن دائرة الاقتصادي بعد أزمة المحروقات و تواصل أزمة المواد الاستهلاكية الاساسية . 

وإن استند البعض على الحرب الأوكرانية الروسية وتغيرات المناخ كأسباب حديثة فإن خيارات الدولة كانت حتى قبل هذه الحرب تتمثل في إيقاف الانتداب في الوظيفة العمومية والتذمر المتواصل من ارتفاع تكاليف الدعم الذي تسعى الحكومة اليوم الى مراجعته أو الغائه أو توفيره فقط لمستحقيه كما تسميه الحكومة.

الدولة لا تستطيع التخلي عن دورها الاجتماعي و الأزمة تنموية بالأساس 

في قراءة أخرى تختلف عما يروج فإن عددا من الخبراء يرون أن رؤية الدولة أو ممثليها غير دقيقة على غرار الخبير الاقتصادي عبد الرحمان لاحقة الذي يعتبر أن جذور الأزمة تعود لغياب النمو و ضعف الاستثمار معتبرا أن كتلة الأجور في تونس عادية إن لم نقل ضعيفة لكنها تبدو ثقيلة فقط بسبب غياب التنمية مضيفا أن حصر مشاكل الاقتصاد في تكاليف الدعم أيضا غير صحيح فتكلفة التهرب الجبائي أكبر بكثير وفق تعبيره كما أنه ليس بامكان الدولة أن تتخلى عن دورها الاجتماعي مقترحا ما أطلق عليه المفاهمات الكبرى بين رجال الأعمال والدولة ومختلف الأطراف لوضع عقد اجتماعي جديد وفق الواقع الاجتماعي والاقتصادي .

الحل في عقد اجتماعي جديد أو المفاهمات الكبرى...

وهو ما تذهب إليه أيضا الخبيرة عفاف داود التي تؤكد على ضرورة بناء عقد اجتماعي جديد وفق الظرف الاقتصادي و الاجتماعي الحالي داعية الى نبذ ما وصفته بأسطورة التكنوقراط و ضرورة اعادة الربط بين السياسي و الاقتصادي و التحرك بعيدا عن عقلية الأمر الواقع وما تمليه الجهات المالية المانحة.

اذ لا يمكن حسب رأيها رفع الدعم وإيقاف الانتدابات في الوظيفة العمومية وغيرها من الإجراءات الأخرى دون التفكير في سياسة حمائية جديدة للمواطن والتفكير في متطلباته من تعليم وصحة ونقل ولما لا حمايته من البطالة اضافة الى التفكير الجدي والسريع والناجع في منوال تنمية يخلق القيمة المضافة للاقتصاد التونسي الذي لم يتغير نسيجه حتى بعد الثورة.

كما يعتبر محدثونا في تصريحاتهم لموزاييك على هامش لقاء حواري نظمه الشباب الاشتراكي التابع لحزب التكتل أن الحلول كثيرة لو توفرت الارادة السياسية ويبقى السؤال المطروح في ظل هذا الظرف الاستثنائي : من سينظم المفاهمات الكبرى ومن سيضع العقد الاجتماعي الجديد ان لم تتم الدعوة الى حوار رسمي يخرج بحلول عاجلة و خطة ملزمة؟.

سيدة الهمامي